قال د. عمرو عزت سلامة الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية ووزير التعليم العالي الأسبق إن أهمية التحول الرقمي بشكل عام تكمن في أنه يشمل اليوم كل مناحي الحياة العصرية التي نعيشها سواء في التعليم أو العمل أو التواصل، فهو جوهر التطور لأي مجتمع، ومحور إستراتيجية عمل لأي شركة أو مؤسسة أو فرد، وعلى علاقة وطيدة مع الابتكار والإبداع والعمل التشاركي.
يأتي ذلك خلال المؤتمر الذى نظمه الإتحاد العربي للتعليم الخاص واستضافته جامعة الكويت الدولية للعلوم والتكنلوجيا، وأوضح أن التطور المتسارع في التكنولوجيا والتحول الرقمي ساهم بشكل مباشر في أن يحظى الاقتصاد الرقمي بأولوية اهتمام صانعي القرار في مختلف دول العالم، وتشير الإحصائيات لعام 2020 إلى أن حجم سوق الاقتصاد العالمي بلغ نحو 20 تريليون دولار، وتبلغ مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلى العام على المستوى العالمي أكثر من 23% بينما تصل مساهمته في الناتج المحلى العام في الدول العربية إلى 4% نتيجة ضعف الاستثمار في الشبكات الرقمية الأساسية والبنية المؤسسية المبنية على قوانين وتشريعات غير مرنة أحيانا ، وقلة استخدام التقنيات الحديثة والتطور السريع للاقتصاد الرقمي الذى ساهم في انتشار الأمية التقنية، وأشار إلى أن الاقتصاد الرقمي مسئول عن خلق 5% من الوظائف الجديدة، وهذا يوحى إلى ولادة شكل جديد من النشاط الاقتصادي سوف يهيمن في السنوات القادمة أكثر فأكثر على القطاعات الاقتصادية الأخر، فالاقتصاد الرقمي معني بمجمل التغييرات الحاصلة في القطاع الصناعي (الثورة الصناعية الرابعة) وقطاع البناء والتعمير ( المدن الذكية ) والقطاع الصحي (التكنولوجيا الحديثة الصحية والاستثمارات الصحية عن بعد) وقطاع التعليم ( التعليم الافتراضي ، والفصول الذكية ، والتعلم عن بعد) أي باختصار كافة القطاعات الاقتصادية، وأصبح الاستثمار في الابتكار يمثل في العصر الحالي أحد أهم العوامل التي يتوقف عليها نجاح المنظمات ، فالمنظمة التي لا تمتلك القدرة على الإبداع والابتكار في مجال علمها ستواجه تحديات كبيرة صعبة وقد يؤذى ذلك إلى زوالها، واضاف د. عمرو عزت أن الثورة الصناعية الرابعة قد فرضت على الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في العالم أجمع تغييرا جوهريا في برامجها ووظائفها وإستراتيجياتها ، فقد امتد التغيير إلى طرائق التعليم والتعلم في الجامعات، كما انعكس ذلك على التعلم عن بعد وإنشاء المؤسسات التعليمية ذات التوجه التقني والذكي مما يجبر مؤسسات التعليم العالي إلى حتمية مواكبة هذا التطور لتأهيل وتزويد خريجيها بمهارات الثورة الصناعية الرابعة التي تتمحور حول التفكير النقدي وإدارة الأفراد والذكاء العاطفي والقدرة على إصدار الأحكام وحل المشكلات وكذلك المعرفة الإبداعية للتوافق مع احتياجات سوق العمل حاضرا ومستقبلا وليس خافيا أن أغلب الاقتصاديات العربية تعانى من معدلات بطالة عالية خاصة في فئة الشباب حيث تبلغ نسبة البطالة إلى ما يقرب من 28% من مجمل خريجي الجامعات العربية وليدنا اليوم في العالم العربي 100 مليون شاب في سن 15 إلى 29 سنة ـ فالوظائف مستقبلا ستكون رهن الأتمتة حيث يقدر عدد الوظائف التي تحتاج الدول العربية لإيجادها ما يتجاوز ستين مليونا خلال العقود الثلاثة القادمة، ويتوقع أن يصل عدد السكان في المنطقة العربية عام 2050 إلى 604 مليون نسمة مع الزيادة في نسبة الشباب تبعا لذلك خطورة عدم الإسراع في إصلاح المنظومات التعليمية، وتشير كل هذه المعطيات على الخطر المترتب نتيجة عدم الإسراع في إصلاح المنظومات التعليمية الذى سيفرز مزيدا من التحديات والأزمات على أكثر من صعيد ، ولهذا فإن التنمية العلمية والاقتصادية والاجتماعية المستدامة بالجامعات العربية ضرورة حتمية لكى تستطيع منافسة الجامعات العالمية واللحاق بركب التقدم الحضاري ومواكبة عصر الرقمنة والتي لن تتحقق إلا بزيادة الإنفاق على البحث العلمي واستخدام أدوات ( الثورة الصناعية الرابعة ) التي تحتاج إلى التفكير الابتكاري والتميز والتطوير والاختراع وريادة الأعمال رأس المال البشرى القادر على دمج التكنولوجيا الحديثة في العمل، كما يتعين على الجامعات العربية أن توفر اليد العاملة الماهرة والمبدعة أو رأس المال البشرى القادر على دمج التكنولوجيا الحديثة في العمل، بالإضافة إلى المهارات الإبداعية في المناهج التعليمية وبرامج التعلم مدى الحياة ، وتحفيز الإبداع بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على النحو الذى يمكنهم من الإسهام الإيجابي الفعال في بناء أوطانهم وأن تعمل الجامعات على تطوير البينة التحتية اللازمة للتدريب على تكنولوجيا المعلومات وتوفير معامل افتراضية لتدريب الطلاب على أحدث ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا الحديثة إلى جانب توفير فرص الطلاب للمنافسة بالمسابقات العالمية للابتكار والإبداع في شتى المجالات ـ وتوفير وسائل لعرض منتجاتهم وإبداعاتهم للشركات المهتمة وبما يسهم في تسويقها وتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من أجل الإسهام الفعال في تحقيق التنمية المستدامة.